خواطر منتصف الليل

موضوع الحلقة هذه المرة شائك، و لكني شئ لاحظته و حبيت أشاركه مع حضراتكم ، السوشيال ميديا فعلت شئ عجيب جدا و عكس ما كان متوقع منها ، فهي غرضها كان سد الفجوة بين بني البشر و التقريب ما بين الناس ، و لكن ما حدث كان نتيجة عكسية لهذا التقريب المفرط ، حيث كان يوجد الكثير من الفئات في المجتمع كل منهم له أسلوبه في التفكير و طريقة لعيش الحياة ،و هذه الفئات لم تكن تري بعضها بالقدر الكافي و كانت معلوماتهم سطحية عن بعض ، و لكن بعد السوشيال ميديا أصبحوا يروا بعضهم البعض بوضوح فالسوشيال ميديا عرت كل فئة أمام نظيرتها فظهرت الاختلافات بينهم بشكل اوضح و نشبت الصراعات بينهم ، و السوشيال ميديا يسرت هذه الصراعات كأنها وضعت كل فئة و نظيرتها في حلبة مصارعة مشتركة ليستمر بينهم النزال لأجل غير مسمى ، و تكون نتيجته كم التريندات التي يتم طرحها أمامنا بشكل يومي بسبب النزال المستمر بين أطراف البشر المتناقضة ، كل منهم يريد فرض رأيه علي الآخر بهدف تغيير وجهة نظره ، و لكنهم لا يعلمون أن كل طرف لن يغير وجهة نظره من أجل الطرف الآخر و أن هذه الحرب فاشلة و ليست لها قيمة ، لانه لن يوجد منتصر ، بل هم يتعبون أعصابهم علي لا شئ .

المهنة لا يتم تقييمها علي حسب عائدها المادي و لا يتم تقييمها علي حسب مقدار المجهود المبذول لاتمامها ، لان فكرة المال ستجعلنا نتطرق لظاهرة المهن الفارغة التي ظهرت في مجتمعنا و التي أثرت علي الكثير من أصحاب الوظائف - التي لا نستطيع التخلي عنها في مجتمعنا - بطريقة سلبية جعلتهم يتساءلون لما نتكبد كل هذا التعب في حين أننا لا نحصل على مقابل كافي لكل ما بذلناه من مجهود ، و هؤلاء يظنون أنهم يتعبون و هم لا يضيفون شيئاً للمجتمع ، و لكن يحصلون على عائد مادي كبير بدرجة مبالغ فيها و بهذا أصبحت نظرتهم علي وشك التحول للنظرة المادية البحتة . أما من ناحية المجهود المبذول فليس له تعريف دقيق فالكل يزعم بأنه يتعب أثناء تأدية المهام ، فهو ليس له مقياس يقاس به كما أن هنا وظائف لا تتطلب تقضية أوقات كثيرة ، و هناك أيضا من يبرع في تأدية المهام في وقت أقل و بنفس جودة شخص آخر يؤدي نفس المهام و لكن في وقت أكبر . لذا أيضا موضوع المجهود ليس معيار لتقييم المهنة . فتقييم أي مهنة يعتمد علي النتيجة و المتمثلة في قانونين .....

‏شخصياتنا زي الكتب بالظبط،فيها فصول حلوة وفصول وحشة،وفي الغالب الفصول الحلوة بتبقي أكتر.لذا نصيحة ياريت نخلي الفصول الحلوة في أول كل كتاب لأن في ناس مش هتقرأ غير اول فصلين بس وتمشي فالأفضل نسيب معاهم ذكري طيبة . ‏لكن اللي هيهتم بالكتاب و حب قرايته للنهاية ، فهو لوحده هيتوصل للفصول السيئة التي تتخلل الكتاب ، و علي أساسه هيقرر مقدرته علي البقاء و التعايش مع هذه الفصول أم يفضل المغادرة في سلام .

‏دايما التاريخ بيعيد نفسه ، بس المشكلة إن الناس مبتتعلمش و بتتفاجئ كل مرة ولا كأن الكلام ده حصل قبل كده
، بس اللي يركز هيحس إننا عايشين في "Déjà Vu" . نفس المشاكل ، نفس التريندات ، نفس الأخطاء ، دون التعلم و التصحيح !

فكرة البرنامج كله نوضحها في هذه الحلقة ، و هي فكرة لطيفة جدا حيث قبل النوم نجد عقولنا تغرق في بحر من الأفكار و تنتابنا الكثير من الخواطر التي قد تنتج من حصيلة ما نتعرض له من مواقف حياتية مع بني البشر أثناء يومنا الطويل ، و هذه الأفكار قدومها ليس مقصور فقط علي وقت منتصف الليل ، فهناك الكثير مثلي ممن يسرحون في الأفكار أثناء اليوم من تجارب نجاح تمر أمامهم ، أو مواقف و خصال يستنكرونها علي بعض البشر ، أو أفكار تستلهم من أجل تغيير المجتمع ، أو من تعمقهم في طبيعة الإنسان و كيفية تصرفاته و ردود أفعاله ، أو من تريندات تطرح بشكل يومي علي السوشيال ميديا ، أو أفكار تستخلص من بعض النصائح و الدروس المستفادة من ذوي خبرة ، أو من أفلام سينمائية و مسلسلات التي تعطينا بعض من الإلهام ، كلها مصادر تستفز العقل للتفكير و اكتساب الكثير من الخبرة و التعلم الذي يفيدنا في الحياة ، فنحن سنظل نتعلم حتي نموت ، و الإنسان لابد أن يدون ما يدور بخاطره من أفكار و خواطر و خبرة و دروس مستفادة خلال يومه ، كما أن مناقشة و مشاركة الخواطر و الأفكار مع الغير مفيدة ، حيث قد تتفق معي في آرائي و يكون فكرنا متماثل ، و قد تختلف و لكن بأدب و الاختلاف لا يفسد للود قضية ، فأنا أحب أن أسمع الرأي الآخر لذا من الممكن أن تراسلني . الخلاصة أنني سأشارك المستمعين خواطري و آرائي علي بعض الأشياء التي قد تدور في بالي خلال مشواري و نظرتي للأمور.